فارس الاحلام المدير العام
الجنس : عدد المساهمات : 482 تاريخ التسجيل : 31/08/2009 العمر : 33 العمل/الترفيه : التصميم والابداع المزاج : الشعر
| موضوع: القرآن رحمة الأربعاء سبتمبر 09, 2009 6:58 pm | |
| القرآن رحمة
الحمد لله، وسلام على عباده الذين اصطفى، وبعد القرآن رحمة للمستضعفين والمستذلين إن التمسك بهذا القرآن حفظًا وعملاً يبدل الاستضعاف تمكينًا، والاستذلال عزة، وهذا وعد الله سبحانه وتعالى في القرآن الذي لا يبدل ولا يغير، قال تعالى وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ الزخرف قال ابن كثير معناه لشرف لك ولقومك، قال ابن عباس رضي الله عنهما وعن معاوية رضي الله عنه قال سمعت رسول الله يقول «إن هذا الأمر في قريش لا ينازعهم فيه أحد إلا أكَبَّه الله تعالى على وجهه ما أقاموا الدين» البخاري وإنه شرف لهم من حيث إنه أنزل بلغتهم فهم أفهم الناس له، فينبغي أن يكونوا أقوم الناس به وأعملهم بمقتضاه، وهكذا كان خيارهم وصفوتهم من الخُلَّص من المهاجرين السابقين الأولين ابن كثير وكذلك قوله تعالى لَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ الأنبياء ، فالشاهد من الآيتين الكريمتين أن الأمة إذا أرادت خروجًا من حالة الاستضعاف وتكالب الأمم عليها إلى مقام السيادة والقيادة فالرحمة لها من هذا الهوان ليس الانخراط في الأحلاف والتكتلات الكافرة بالقرآن، ولكن سبيل الخروج والرحمة هو إقامة هذا القرآن في حياتها عملاً وتطبيقًا، إذا تحقق من الأمة ذلك تحقق وعد الله، وذكرت أمة الإسلام في الأمم، ورحمتْ نفسها من هذا الهوان بالقرآن، وإذا كان هذا على مستوى الأمة فهو كذلك على مستوى الأفراد، فالفرد إذا أراد رحمة لنفسه من الرق والعبودية للبشر وارتقاء مدارج العز فعليه بحفظ القرآن وتطبيقه، قال تعالى يَرْفَعِ اللَّـهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّـهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ المجادلة ، ومعلوم أن القرآن هو أساس كل العلوم وهو ماء الحياة بالنسبة للإيمان وبه يصير الوضيع سيدًا، والعبد أو المولى أميرًا، كما حدث لابن أَبْزَى حين كان مولى من الموالي يعني عبدًا فاستعمله أميرًا على أهل الوادي أي مكة نافع بن عبد الحارث ولقيه عمر بن الخطاب خليفة رسول الله وأمير المؤمنين آنذاك، فسأله من استخلفت على أهل الوادي؟ فقال ابن أبزى، ولما تعجب عمر كيف ساد وشُرّف ابن أبزى وهو مولى؟ فقال له نافع بن عبد الحارث إنه قارئ لكتاب الله عالم بالفرائض قاض، فقال عمر رضي الله عنه أما إن نبيكم قال «إن الله يرفع بهذا الكتاب أقوامًا ويضع به آخرين» مسلم فالرحمة من الاستضعاف تكون بضده أي الاعتزاز بالقرآن عملاً وتطبيقًا لقوله تعالى إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ فصلت ، ولا تكون بغير ذلك سادسًا القرآن رحمة لأهل البيت من الشياطين
كان أول نزول للقرآن إلى الأرض على قلب النبي الأمي هو أول طرد وتشريد وإبعاد للشياطين عن أبواب السماء، قال تعالى عن الجن وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَصَدًا الجن ، وهذا الطرد للشياطين عند نزول القرآن حفظًا للقرآن من استراق أي شيء يلقى به على ألسنة الكهان، كذلك ما يزال الطرد للشياطين بالقرآن مستمرًا لحفظ الإنسان والمكان الذي فيه يقرأ القرآن، فهو رحمة لأهل البيت من هجوم الشياطين عليهم فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله قال «لا تجعلوا بيوتكم مقابر، إن الشيطان ينفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة» مسلم وفي حديث آخر «اقرؤوا سورة البقرة فإن أخذها بركة، وتركها حسرة، ولا تستطيعها البطلة» مسلم والبطلة يعني السحرة فإذا كانت سورة البقرة وحدها رحمة لأهل البيت من هجوم الشيطان والسحرة إذا قرئت في بيت فكيف إذا قرئ القرآن كله؟ بكل يقين سوف تزداد الرحمة والحفظ سابعًا القرآن رحمة وساتر عن أهل الشر قال تعالى وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ حِجَابًا مَسْتُورًا الإسراء ، ذكر ابن كثير في تفسيرها حديث أسماء بنت أبي بكر قالت لما نزلت تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ جاءت العوراء أم جميل ولها ولولة وفي يدها فِهْر وهي تقول مذممًا أبينا ودينه قلينا وأمره عصينا ورسول الله جالس وأبو بكر إلى جنبه، فقال أبو بكر لقد أقبلت هذه وأنا أخاف أن تراك، فقال «إنها لن تراني» وقرأ قرآنًا اعتصم به منها، قال فجاءت حتى قامت على أبي بكر فلم تر النبي ، فقالت يا أبا بكر، بلغني أن صاحبك هجاني ؟ قال أبو بكر لا ورب هذا البيت ما هجاكِ صحيح موارد الظمأن وفي رواية «وما زال ملك يسترني حتى ولت» والشاهد من ذلك أن قراءة النبي للقرآن كانت رحمة له من شر هذه الحاقدة الجاهلة، فلم تسمه بسوء حتى ولت، ولم تره أصلاً، فقد نزلت الملائكة بفضل تلاوة القرآن، وسترت النبي عنها حتى ولت وذكر ابن إسحاق في سيرته خروج النبي من بيته مستورًا بالقرآن عن أعين المشركين، واستدل بذلك ابن كثير في تفسيره لقوله تعالى وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ يس فقال لما كان المشركون جلوسًا عند باب النبي انتظارًا لخروجه ليقتلوه، خرج عليهم رسول الله عند ذلك وفي يده حفنة من تراب، وقد أخذ الله على أعينهم دونه، فجعل يذُرّها على رؤوسهم، ويقرأ يس وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ يس ، ، حتى انتهى إلى قوله تعالى وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ ، وانطلق رسول الله لحاجته وباتوا رصداء على بابه حتى خرج عليهم بعد ذلك من خارج الدار، فقال ما لكم ؟ قالوا ننتظر محمدًا قال قد خرج عليكم ابن كثير قال تعالى وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّـهُ وَاللَّـهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ الأنفال وكذلك المعوذات، فعن عائشة رضي الله عنها أن النبي كان إذا أوى إلى فراشه كل ليلة جمع كفيه ثم نفث فيهما، فقرأ فيهما قُلْ هُوَ اللَّـهُ أَحَدٌ ، و قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ ، و قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ ، ثم يمسح بهما ما استطاع من جسده يبدأ بهما على رأسه ووجهه وما أقبل من جسده، يفعل ذلك ثلاث مرات البخاري ثامنًا عند قراءته تنزل السكينة والملائكة بالرحمة
فَعَنْ أُسَيْدِ بْنِ حُضَيْرٍ قَالَ بَيْنَمَا هُوَ يَقْرَأُ مِنَ اللَّيْلِ سُورَةَ الْبَقَرَةِ وَفَرَسُهُ مَرْبُوطٌ عِنْدَهُ إِذْ جَالَتِ الْفَرَسُ فَسَكَتَ فَسَكَتَتْ فَقَرَأَ فَجَالَتِ الْفَرَسُ، فَسَكَتَ وَسَكَتَتِ الْفَرَسُ ثُمَّ قَرَأَ فَجَالَتِ الْفَرَسُ، فَانْصَرَفَ وَكَانَ ابْنُهُ يَحْيَى قَرِيبًا مِنْهَا فَأَشْفَقَ أَنْ تُصِيبَهُ فَلَمَّا اجْتَرَّهُ رَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ حَتَّى مَا يَرَاهَا فَلَمَّا أَصْبَحَ حَدَّثَ النَّبِىَّ فَقَالَ «اقْرَأْ يَا ابْنَ حُضَيْرٍ اقْرَأْ يَا ابْنَ حُضَيْرٍ» قَالَ فَأَشْفَقْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنْ تَطَأَ يَحْيَى وَكَانَ مِنْهَا قَرِيبًا فَرَفَعْتُ رَأْسِى فَانْصَرَفْتُ إِلَيْهِ فَرَفَعْتُ رَأْسِى إِلَى السَّمَاءِ فَإِذَا مِثْلُ الظُّلَّةِ فِيهَا أَمْثَالُ الْمَصَابِيحِ فَخَرَجَتْ حَتَّى لاَ أَرَاهَا قَالَ «وَتَدْرِى مَا ذَاكَ» قَالَ لاَ قَالَ «تِلْكَ الْمَلاَئِكَةُ دَنَتْ لِصَوْتِكَ وَلَوْ قَرَأْتَ لأَصْبَحَتْ يَنْظُرُ النَّاسُ إِلَيْهَا لاَ تَتَوَارَى مِنْهُمْ» رواه البخاري والشاهد من الحديث قول النبي لابن حضير «اقرأ» أي استمر على قراءتك لتستمر لك البركة بنزول الملائكة واستماعها لقراءتك، وفيه فضيلة القراءة وأنها سبب لنزول الرحمة وحضور الملائكة فتح الباري تاسعًا التحاكم إليه رحمة من التنازع
قال تعالى يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّـهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّـهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّـهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً النساء قال ابن كثير فردوه إلى الله ورسوله قال مجاهد وغير واحد من السلف أي إلى كتاب الله وسنة رسوله، وهذا أمر من الله بأن كل شيء تنازع الناس فيه من أصول الدين وفروعه أن يرد التنازع في ذلك إلى الكتاب والسنة، أي ردوا الخصومات والجهالات إلى كتاب الله وسنة رسوله فتحاكموا إليهما فيما شجر بينكم ابن كثير ولأن التنازع كله شر وخسران، وعذاب وضياع للجهود وتبديدٌ للأوقات، قال تعالى يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّـهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ وَأَطِيعُوا اللَّـهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّـهَ مَعَ الصَّابِرِينَ الأنفال ، ، ومن أحسن ما قيل في التفسير ما قاله كعب الأحبار، قال ما من شيء أحب إلى الله تعالى من قراءة القرآن والذكر، ولولا ذلك ما أمر الناس بالصلاة والقتال، ألا ترون أنه أمر الناس بالذكر عند القتال؟ قلت والذكر هو القرآن، والقرآن هو أعظم الذكر ؛ لقوله تعالى إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ الحجر ، والريح في الآية معناها القوة والحدة، فعند التنازع تذهب القوة والهيبة ويكون الهلاك والبأس الشديد بين المتنازعين حتى يقتل بعضهم بعضًا ويسبي بعضهم بعضًا، وكأن الرحمة لهم في ذلك هو رد التنازع للقرآن فيزول التنازع لأن القرآن يقول فيه قولاً واحدًا وهذه صورة من عدم رد التنازع أو عدم الاحتكام إلى القرآن فعن شداد بن أوس قال قال رسول الله «إن الله زوى لي الأرض حتى رأيت مشارقها ومغاربها، وإن ملك أمتي سيبلغ ما زوى لي منها، وإني أعطيت الكنزين الأبيض والأحمر، وإني سألت ربي أن لا يهلك أمتي بسنة بعامة وألا يسلط عليهم عدوًا فيهلكهم بعامة، وأن لا يلبسهم شيعًا، وأن لا يذيق بعضهم بأس بعض فقال يا محمد إني إذا قضيت قضاء فإنه لا يرد، وإني أعطيتك لأمتك أن لا أهلكهم بسنة بعامة، وأن لا أسلط عليهم عدوًا من سواهم فيهلكهم بعامة حتى يكون بعضهم يهلك بعضًا، وبعضهم يقتل بعضًا، وبعضهم يسبي بعضًا» قال وقال النبي «إني لا أخاف على أمتي إلا الأئمة المضلين، فإذا وضع السيف في أمتي لم يرفع عنهم إلى يوم القيامة» السلسلة الصحيحة اللهم ارزقنا إيمانًا بكتابك، وتلاوة له آناء الليل وأطراف النهار وعملاً به، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين . | |
|