لماذا أخذت أطول سورة في القرآن اسم البقرة... سر العنوان؟

لماذا أخذت أطول سورة في القرآن اسم البقرة... سر العنوان؟

--------------------------------------------------------------------------------

سألتني سعاد من تازة من المغرب لماذا أخذت أول وأطول سورة من القرآن اسم البقرة؟

والجواب السريع لأن قصة البقرة واردة فيها؟ ولكنها ليست القصة الوحيدة بل هناك قصة أطول ولا تقل تأثيرا عن قصة داوود والملك طالوت وجالوت الجبار.

وفيها أطول آية تتحدث عن تنظيم آليات الدين والإقراض..

وفيها أعظم آية الكرسي والعرش..

وفيها جدلية إبراهيم في الحياة والموت والطير تأتيه بعد التمزيق تنقل له البرهان المادي عن العودة البيولوجية...

لماذا إذن أعطي هذا الاسم لهذه السورة وما هي القصة بالضبط، طالما كانت بقرة تذبح؟؟

ولكن الجواب يحملنا إلى الدخول للموقع لندخل ما يشبه المسرحية العجيبة..

فجأة نرى أنفسنا بين قوم علت أصواتهم، ورجل مهيب يقول لهم اسكتوا اسكتوا لقد جاءكم الجواب؟ اذبحوا بقرة؟

لا نعرف فقد جئنا متأخرين للمسرحية..

يهمهم القوم بقرة؟؟ بقرة؟؟ ربما أخطأ موسى؟؟ موسى هل أنت متأكد يجب ذبح بقرة؟ هل تريد أن تضحك علينا؟ غير معقول ما تقول؟

إذن نريد منك تحديد هذه البقرة؟؟

موسى يهز رأسه لا فائدة .. دوما تردد.. دوما شغب.. دوما مناقشة بدون جدوى؟؟

حسنا يا جماعة هل تظنون أنني غير واعي بالمسألة؛ أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين..

يرجع إليهم بعد عدة أيام؟ نعم يا موسى ما وراءك؟؟

موسى: إن الله يقول لكم إن صفة هذه البقرة أنها ليست تلك الفتاة البكر ولا المتقدمة في السن؟؟ عوان بين ذلك فافعلوا ما تؤمرون؟

الآن لا تترددوا من جديد افعلوا ما تؤمرون؟

يبدأ جمع الحكماء يتشاورون بين بعضهم بعضا؟ يا جماعة ربما لم يصف موسى الطلب تماما؟ ربما ليست البقرة المطلوبة؟ ربما لو حددنا اللون لوصلنا إلى الطلب..

رجع جمع الفهمانين من شيوخهم إلى موسى:

حسنا يا موسى نحن سلمنا لك أن نذبح بقرة، ولكن لا يكفي السن فقد نخطيء ولا نصيب؟ ما رأيك لو سألت ربك ما لونها؟ هنا لن نضيع؟؟

موسى يهز رأسه من جديد!! ويقول صبرك يا رب على هؤلاء السفهاء؟

يرجع إليهم بعد فترة؟ يهرع إليه القوم هل جئت بالجواب؟

موسى نعم يجب أن يكون اللون أصفرا تنشرح النفس لكل من رآها، تسر الناظرين من أول نظرة!!

مرة أخرى الشكوك ترجع !! يجتمع مجلس الشورى عندهم ما تقولون يا جماعة؟ إنه لابد من التحديد لا يكفي اللون والعمر لابد من الوظيفة؟

أين تعمل ماذا تكسب؟ إننا قوم نحب الدقة في كل شيء؟؟

يا موسى رجاء وللمرة الأخيرة إننا في تشوش، وتشابهت علينا البقر هل يمكن أن تحدد أكثر؟

موسى بشيء من الغضب يا جماعة: افعلوا ما تؤمرون؟

ولكن لا فائدة تريدون مزيدا من التفصيل حسناً؟؟

يرجع إليهم موسى هذه المرة بشروط جديدة:

يا جماعة العمر عرفتم، واللون أدركتم، والآن يا أعزائي ابحثوا عن بقرة بطرانة مستلقية تحت الظل، لا ذلول تثير الأرض ولا تسقي الحرث، ولا تشتغل بالحقل؟

ابحثوا وكونوا شاطرين في إيجادها؟

أخيرا وبعد بحث دؤوب وكلفة عالية، واستنفار، عثروا على الطلب بعد عناء وبحث مجهدين..

ولكن يا جماعة هل نذبح أو لا؟؟ إنه مرض التردد يضربهم من جديد؟ فذبحوها وما كادوا يفعلون..

ولكن ماذا يفعلون بالبقرة الميتة؟؟

هذا هو سر القصة كلها فمن لحمها الميت أخذوا اللسان الميت فمشوا به إلى رجل ميت.

تقدم شيخ القبيلة بوجل وتردد، ثم قلبوا وجه الميت الممتع المصفر المزرّق؟ صاح بهم موسى اضربوا الجثة بقطعة اللحم الميت؟؟

هل معقول يا جماعة؟؟

موسى افعلوا يا قوم افعلوا !!

يضرب أخيرا الشيخ جثة الميت، ثم ينظر القوم في بعضهم ولا يصدقون..

فجأة يبدأ الميت يحرك أطرافه، تزول الصفرة، ويحرك رأسه، وينظر فيمن حوله هو مذهول أكثر منهم!!

يشهق القوم إنه ميت يا قوم إنه ميت ينهض من رقدة الموت ..

يا موسى إنك عظيم.. تباركت يا رب موسى و هارون..

يقترب منه موسى والقوم يخاطبوه بهدوء:

قل لنا الآن من الذي ضربك وقتلك؟؟

يحك الميت الحي رأسه؟ هل أنا ميت؟ هل أنا حي، هل أنا حي ميت؟

نعم نعم لقد ضربني؟ أتذكر؟؟

يصيح القوم ويلك انطق اسمه؟؟

حسنا يحك الرجل رأسه محل الضربة ثم ينطق بالاسم .

يصيح القوم بصوت واحد: تباركت ربنا رب يعقوب وموسى وهارون ويوسف، أنت المحي أنت المميت، أنت الباعث من العدم، أنت الحي الذي لا يموت... إنا عدنا إليك..

فهذا هو سر تسمية البقرة بسورة البقرة، لأن فيها أسرار كل السورة من القصة والتشريع وحل أعظم ألغاز الكون الموت والحياة، وصراعات الجماعات، ومرض اليهود، وتردد النفس، وعصيان النبوة، وأمراض أهل الكتاب، وقسوة القلوب، والمعجزة الصاعقة، في صورة مقلوبة، تنتج الحي من الميت وقدرة الله التي لا ترتبط بأي شكل، والقصة المشوقة والمسرحية المثيرة..

كله في قصة قصيرة في 110 من الكلمات، ولا تزيد عن خمس آيات، من سورة تضم 286 آية، أي ما نسبته أقل من 2% من السورة، ولكن هذه النسبة لا تقرر الحقائق، بقدر الحقائق التي تقرر النسب..